محاولات بائسة ومطالبات مزعجة تخالف العقل والفطرة وتقاوم السنن الكونية تقوم بها أطراف عديدة، ويرتفع صوتها النشاز المزعج مع ارتفاع موج اليسار الغربي المتطرف والمنهمك في فرض عقيدة (اللامعقول) في مجتمعاته قبل مجتمعات غيره، وهي عقيدة مخيفة خُطت قراطيسها منذ عقود عديدة، وأَوجدت لها مسارات وقنوات عابرة للحدود للتبشير بها من أجل مسح القيم الإنسانية وإلغاء الثوابت الدينية وتشويه الهوية الثقافية للمجتمعات برمتها وخصوصًا الإسلامية - المشرقية.
ومثل هذه الاختراقات التي يتعرض لها عالمنا العربي - الإسلامي، كما يقول الدكتور م. ج. الأنصاري، ليست بجديدة على الإطلاق. فقد تعرض عالمنا مع بدايات العصر الحديث إلى ثلاثة أنواع من الغارات، الأول هو سياسي - عسكري متبوع بالسيطرة الاقتصادية والاحتكار التجاري.
أما النوع الثاني من تلك الغارات، فقد تمثل في الحملة طويلة الأمد للمبشرين الغربيين الذين تبعوا الجيوش الاستعمارية أو مهدوا لغزوهم بنشر دعواتهم.
وصولاً للنوع الثالث من تلك الاختراقات لإحداث وفتح ثغرات في الجدار العربي الإسلامي، وهو الاختراق التربوي، أو ما يسمى، بالتعليم العصري، والمدارس الحديثة، والتربية الجديدة، الذي نجح، في بعض الأحيان، في إرباك مؤسسات التعليم الأهلي مع غياب التخطيط الوطني والقومي والديني ليصنع نوع من البلبلة والضياع، ويخلق حالة شيزوفرينية ثقافية وكيانية تقلل من احتمالات الصمود في وجه مثل هذه الاختراقات التي تبحث عن الحلقات الأضعف في التكوين الثقافي – التربوي للمجتمعات.
المضحك في مثل هذه المحاولات، التي تتصف أحيانًا بالرعونة والحماقة، والغباء أحيانًا أخرى، بأنها، كعادتها، لم تقرأ تاريخ المنطقة جيدًا، إذ لا نجد دليلاً ماديًا واحدًا على أن المجتمعات العربية - الإسلامية قد انطلت عليها مثل هذه الخطط السمجة التي لم تشهد إلا الفشل، بل كانت ردة فعل شعوب المنطقة قاسية تجاه سياسات تلك الدول التي تضيع وقتها ووقت غيرها ببيع سلعها في غير سوقها!