" بس ده عاوزني خدامة مش زوجة "
كانت أول كلمة أقولها لأبويا بعد الرؤية الشرعية.
في الفترة اللي كان بيتقدملي عرسان كتير مكنتش شايفة ولا واحد يناسبني، ويناسب فتى أحلامي الصالح اللي عشت عمري كله أتنازل لأجل زوج صالح مُصلح يعرف يوصلني لباب الجنة ونعيش سوا فيها.
وبعد فترة أتقدملي شخص، تقريبًا فيه كل المواصفات اللي بحلم بيها وزيادة، مكنتش مصدقة نفسي، إزاي كرم ربنا بيجي بالجمال ده كله!
بس أول ما قعدت معاه صدمني بكلامه، ولاقيت بيقولي:
" أنا مش طالب منك حاجة غير تكوني دايمًا مع أمي "
يعني إيه؟ جاي يتجوزني عشان أكون خدامة ليها؟
قومت بعد الرؤية الشرعية وروحت قعدت مع والدي وأنا كُلي حيرة ولخبطة، حكيتله إن الشاب ده أمه اتعرضت لحادثة والحادثة دي كانت سببت ليها شلل في أطرافها.
وهو الوحيد اللي بيراعيها بس نظرًا لشغله ودراسته بيغيب عنها وهي لازم تاخد أدويتها في ميعادها، مكنتش عارفة أعمل إيه ضجيج في عقلي بيقولي:
لو وافقتي هتعيشي خدامة لأمه.
وصوت تاني بيرد عليه ويقول:
ولو رفضتي ظش هتلاقي حد بالأخلاق دي.
وصوت بابا جه في الآخر وقالي:
بصي يابنتي ده مستقبلك وانتي الوحيدة اللي ليكي الحق تعيشيه بالشكل اللي يريحك ولكن ما دام حابة تاخدي بالمشورى بتاعتي يبقى هرد عليكي بجملة واحدة وليكي حرية الإختيار والموافقة أو الرفض: " صنائع المعروف تقي مصارع السوء "
والشخص اللي بيحترم وبيحب أمه كدا يستحيل هيظلمك.
اعتبري العريس ده أخوكي والمريضة أمك، هتتمني مرات أخوكي تعاملها إزاي؟
بصيتله بوجع وقولتله: " ياريت أمي ترجع للحياه وأنا أشيلها في عنيا وفوق راسي "
لاقيت بابا بصلي بضحكة خفيفة فهمت معناها ومن هنا وافقت على العريس، ويوم جوازنا خدني لحد أوضتها ببص لاقيت شكل الأوضة قطعة من الجنة، ساب إيدي وراح يهز كتفها ويقول: " جبتلك هديتي ليكي! "
فتحت عنيها وبصتلي، كانت ست جميلة، وشها مليان نور وقفت قدامها ساكتة، بدأت هي بالكلام وقالت:
" مبارك عليكي يابنتي، ربنا يهدي ليكي ابني ويفرحكم ويرزقك ولد بار بيكي زيه وإنك متبقيش تقيلة عليه شبهي "
وبعدها قعدت تعيط، قرب منها وقالها: " الكلام ده بيزعلني انتي خفيفة على قلبي ومستحيل تكوني تقيلة "
وعدى الوقت وكل يوم دهشتي في البيت بتزيد لما كنت بشوف تصرفاته معاها، لدرجة انه بيغير لها الحفاضة!
وكان بيحميها في اوضتها ويسرح لها، ولما لقى المشط بيوجع راسها راح جابلها مشط من الورق المقوِّي!
كان بيمازحها ويلاطفها حسيت جواه شخص حنين كريم.
وحبي ليه بقى أضعاف، كنت مفكرة إنه هيخليني أخدمها دايمًا بس هو اللي كان بيعمل كدا وأنا كنت بحطلها الأكل والدواء بس، كان بيصحى في الليل تلات مرات عشان يقلبها على السرير عشان متصابش بقرح في جسمها، وفي مرة عملت حمام على نفسها وكان هو جاي بعد يوم طويل ومتعب فقام وقعد يغيرلها وكانت بتقعد تعيط وتقوله:
" أنت متستحقش ده مني، ياريت لو ربنا يعجل بموتي "
كان يرد عليها ويقولها: " أنا بعمل ده بنفس درجة الرضا اللي كنتي بتعمليهالي وأنا صغير "
الشخص ده فعلاً رزق، رزق لأمه وليا ولإبنه اللي في بطني.
البار بأمه مش ضعيف، البار بأمه هيعرف قيمتك ويصونك.
اللطيف في الأمر إن القصة دي حقيقية، وقصة شيخ فضيل كلنا بنحبه: " محمد راتب النابلسي "
بمثل هؤلاء نقتدي نحن
#عزة_العمروسي